الهبة الشعبية في تونس ومصر قد تشمل المنطقة كلها وتبشر بمستقبل جديد تحترم فيه ارادة الشعوب
بدءأ التحرك الشعي الواسع الذي إنطلق من مدينة سيدي بوزيد التونسية عندما أشعل محمد البوعزيزي النار في جسمه وشملت عددا من البلدان أهمهامصرالتي انطلقت منها الدعوة ” ليوم الغضب” الثلثاء الماضي في 25يناير من مجموعة ” كلنا خالد سعيد ” والتي تعود اسبابها المباشرة الى تعاطي قوى الأمن الوحشية مع الموطنين في خدمة الأنظمة الأستبدادية ، بدءت هذه الثورة الشعبية تثير مخاوف القوى العالمية التي طالما دعمت وباركت الأنظمة الأكثر فسادا في الأرض رغم مظاهر الديموقراطية في بلادها.
وها نشهد تحركات دولية واسعة النطاق لهذه الجهات للسيطرة على الأحداث للحفاظ على مصالحها الحيوية ونفوذها في أهم منطقة في العالم. هل تتعلم هذه القوى دروس التاريخ هذه المرة ولو بطريقة إستثنائية لتسمح لأرادة الشعوب أن تأخذ مجراها الطبيعي أم نرى تكالبا كما تعودنا على إهباط المطالب السياسية والأجتماعية الحيوية للشعوب المستضعفة ؟ وماذا تكون ردود الأفعال للثورة التونسية و المصرية علي الأوضاع في المنطقة بمجملها وخاصة منطقتنا في القرن الأفريقي حيث نخضع في اثيوبيا واريتيريا والسودان و الصومال لأنظمة فرضت نفسها علي الشعوب با القوة والذي جل إهتمامها يتمثل في البقاء على السلطة مهما كلف الأمر؟ هل تتجرء الجماهيرالمدقعة في هذه البلدان وخاصة في اثيوبيا واريتيريا حيث توجد الأنظمة الأكثر دموية في العالم لمواجهتها في شوارع المدن الكبرى ام هذاحلم من احلام اليقظة عندنا؟
ومن الجدير بالذكر كان رد فعل النظام الأثيوبي على الأحداث في تونس هو إغلاق الأنترنت للتعتيم على الأحداث بشكل وقح. وكان ملس زناوي يشير في السابق اكثر من مرة إلى نجاح تجربة فكرة الحزب الواحد في تونس كمثل رائع يثبت صحة فلسفة جبهته الحاكمة. وملس زناوي الذي دفع بزوجته إلى المرتبة الثانية في الحكم بعده ربما يحاول التنازل عن”رئاسة الوزراء” لصالحها في محاولة يائسة منه لمواصلة اللعبة بشكل جديد من وراء الكواليس ليحبط مقدما اية محاولة من تمرد شعبي قد يحصل متحديا جميع التخمينات للقضاء على تنظيمه الأثني العسكري والله يعلم
وربما تشجعنا التطورات في الأيام القليلة القادمة للرد علي هذه وغيرها من التساؤلات الهامة. ومن الأمور الملفتة للنظر حقا والتي تحمل في نظري أهمية بالغة هي كون هذه الثورة التونسية والمصرية تتجاوز مطالب حزبية معينة مما يثبت دون أدنى شك مستوى الوعي السياسي العالي لجماهير الشعوب العربية في هذه البلدان مما يعني بدوره التفاف الجماهير حول القضايا الجوهرية التي تمثل الحد الأدنى من المطالب الشعبية التي يلتقي حولها الجيميع. لا أستغرب وجود هذاالوعي لأنني قد لاحظت حتى في الستينيات والسعينيات عندما كنت أقيم في مصر وسورية ولبنان واليمن بأن هذه البلدان كانت تتمتع برجال ونساء ذوي قدرة عالية وإخلاص ونزاهة كبيرة لقضايا الشعوب قاموا ببحوثات عديدة في الفكر السياسي والأقتصادي والأجتماعي تجريديا ومنطقيا كانت ايضا واقعية تطبيقيا ، سلطوا فيها الضوء على عناصر الواقع الأقتصادي العربي ككل وطبيعة عمليات النمو المشوه نتيجة إحكام طوق التبعية والتجزئة. لاشك بأن حدة هذه المشاكل قد زادت في عصر العولمة الذي نشهده اليوم. ونأمل ان تكون التظاهرات المليونية المصرية التي جرت بسلام والتي رافقتها تظاهرات ملايين أخرى في المحافظات أيضا بسلام إنطلاقة تمثل نقطة تحول في تاريخ المنطقة تثبت بأن كرامة الأنسان يجب ان تكون فوق كل الحسابات.