وها نحن نقف اليوم امام واقع مادى ملموس يتمثل باعلان النظام الأثيوبي نفسه مرة أخرى منتصرا في انتخابات كانت كلها مسرحية هزلية ونرى الدوائر الدولية الرئيسية في الدول التي تعتبر نفسها معقل الديمقراطية والدفا ع عن حقوق الانسان تهنئ النظام الديكتاوري لأجراء الأنتخابات في جوسلمي بدلا من إدانته كنظام ديكتاتوري دموي يجب إيقافه بل إنهائه.
إن انعدام القيم الروحية الطبيعية الحية في هذه الاحوال قد أدى بنا وبشعوبنا إلى حالات الضياع. ولست اقصد بانعدام القيم الروحية ألتدين التقليدي الروتيني وطقوساته وأشكال عباداته المعروفة، وانما تلك المواهب الطبيعية الفطرية مثل الصدق والشجاعة والعقلانيةالتي تعبر حدود الاديان والاجناس كعطاء من الله للجميع غير محدود والتي يتغلب بها الانسان على الطمع والحسد والجبن وعلى جاذبية الجسد والمادة. واود ان اضع في مقدمة هذه وغيرها من القيم الاصيلة الدفاع عن النفس، بمعنى آخر، حب الحرية. تعرف حتى حيوانات البر تلقائيا ودون تفكير ما المقصود بذلك. الانسان الذي يفتقد هذه القيمة يفتقد أهم شيئ في الدنيا. هذا مع الاسف ماتفتقده معظم الشعوب المقهورة في اثيوبيا با لتحديد.
كفانا الكلام والثرثرة عن ما يفعل بنا طغاة الارض المحليون والدوليون. فلنتحدث عن ما نفعل نحن بانفسنا عمدا او بجهالة. لو تضافرت مثلا جهود ثلاثة شعوب شقيقة فقط داخل سجن الامبراطورية الاثيوبية وهي الأرومو والصومال والعفر على اي مستوى كان لرئينا صورة اخرى للواقع السياسي في القرن الافريقي بمجمله وربما تغيرت الخارطة الاستعمارية . واحب ان أذكر شعبا رابعا قليل العدد ولكن له اهمية في تاريخنا وحاضرنا لأن اهمية الشعوب لاتقاس با العدد وإنما بهمتها ورسالتها الى العالم باسره. وقدكانت هرر ملتقى الشعوب الثلاثة الحضاري حيث لعب الأدري ادوار شعوب الوسط بأعلى درجة من النزاهة رغم تجوزات الأمراءالمألوفة إذكان الأدري من حملة الرسالة الإسلامية من بداية عهدها قبل ابتلائها بتراكمات التاريخ ويمكنهم ان يلعبوا اليوم ايضا دورا عقلانيا ووجدانيا مهما في نضالنا المشترك ضد القهر… …
لنحدد بوضوح كامل جوهر مشكلتنا الذاتية الرئسية قبل أن نتحدث عن العوامل الخارجية المسيطرة علينا وعلى مقدراتنا محلياودوليا وقبل ان نتحدث عن اساليبب النضال السياسية الملزمة لعملية التحرر . إن المظالم التي تقبع تحتها الشعوب المضطهدة في اثيوبيا لفترات طويلة من الزمن جعلتها في معظم الحالات تفتقد الثقة الاساسية بقدراتها المعنوية وتعيش مقيدة برغباتها و أهوائها الحياتية الضيقة في حالة اليأس و انعدام المسؤلية اخلاقيا . ان العوامل الذاتية ا لتقليدية المهمة التى ساهمت ولاتزال في مأساتنا هي عوامل التخلف مثل القبلية والأقليمية والتعصب الديني والأثني الأعمى. و هي كلها انواع من الجهل للواقع السياسي المحلي والدولي، مما جعل التفكير المجدي العميق ووضوح الرؤيا امرا مستحيلا وجعل التضامن العملي الفعال داخلها وفيما بينها مستعصيا . ولهذه الاسباب لم تظهر حتى هذه اللحظة قيادات وتنظيمات سساسية قادرة حقا على قيادة النضال سسياسيا وعسكريا بنجاح. ان كثيرا ما نرى ونسمع أو نقرء عن احوالنا السسياسية لا يصل الى اعماق النفس لأنه نتيجة افكار وعواطف سطحية غير علمية لاتستمد قواها من منطق التاريخ السياسي والقناعة المستنيرة .فاذا استثنينا من تدفعه الى الاهتمام السياسي اهداف وأطماع فردية- وعددهم ليس بقليل- نرى ان الاقلية الباقية منا تستخدم القضايا السياسية وخاصة بيننا نحن الأورمو ملهاة تملاً بها فراغها القاتل وتتوهم أنها تقوم بذلك بواجباتها. ولاشك ان هناك عناصر تلتهب في نفوسها عواطف ثورية نبيلة دون التمكن من صياغتها بطريقة واقعية عقلانية منتجة. والجوالسائد وخاصة عندنا نحن الأورومو هو جو الهروب من مواجهة بعض الحقائق الساطعة في و اقعنا حاولت بقدر من النزاهة والصراحة القاء الضوء عليها في مقال بريسة كوم تحت عنان ” من قناعاتى”بالانجليزية.